الثالثة والثلاثون إنه يوم اجتماع الناس وتذكيرهم بالمبدإ والمعاد وقد شرع الله سبحانه وتعالى لكل أمة في الأسبوع يوما يتفرغون فيه للعبادة ويجتمعون فيه لتذكر المبدإ والمعاد والثواب والعقاب ويتذكرون به اجتماعهم يوم الجمع الأكبر قياما بين يدي رب العالمين وكان أحق الأيام بهذا الغرض المطلوب اليوم الذي يجمع الله فيه الخلائق وذلك يوم الجمعة فادخره الله لهذه الأمة لفضلها وشرفها فشرع اجتماعهم في هذا اليوم لطاعته وقدر اجتماعهم فيه مع الأمم لنيل كرامته فهو يوم الاجتماع شرعا في الدنيا وقدرا في الآخرة وفي مقدار انتصافه وقت الخطبة والصلاة يكون أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم كما ثبت عن ابن مسعود من غير وجه أنه قال لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم وقرأ {{ أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}} [ الفرقان : 24 ] وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم وكذلك هي في قراءته .
ولهذا كون الأيام سبعة إنما تعرفه الأمم التي لها كتاب فأما أمة لا كتاب لها فلا تعرف ذلك إلا من تلقاه منهم عن أمم الأنبياء فإنه ليس هنا علامة حسية يعرف بها كون الأيام سبعة بخلاف الشهر والسنة وفصولها ولما خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام