وكان يتمضمض ويستنشق تارة بغرفة وتارة بغرفتين وتارة بثلاث . وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق فيأخذ نصف الغرفة لفمه ونصفها لأنفه ولا يمكن في الغرفة إلا هذا وأما الغرفتان والثلاث فيمكن فيهما الفصل والوصل إلا أن هديه صلى الله عليه وسلم كان الوصل بينهما كما في " الصحيحين " من حديث عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كف واحدة فعل ذلك ثلاثا وفي لفظ تمضمض واستنثر بثلاث غرفات فهذا أصح ما روي في المضمضة والاستنشاق ولم يجئ الفصل بين المضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة لكن في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق ولكن لا يروى إلا عن طلحة عن أبيه عن جده ولا يعرف لجده صحبة
[ مسح الرأس ]
وكان يستنشق بيده اليمنى ويستنثر باليسرى وكان يمسح رأسه كله وتارة يقبل بيديه ويدبر وعليه يحمل حديث من قال مسح برأسه مرتين .
والصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس هكذا جاء عنه صريحا ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم خلافه البتة بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي توضأ ثلاثا ثلاثا وكقوله مسح برأسه مرتين وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فغسل كفيه ثلاثا ثم قال ومسح برأسه ثلاثا وهذا لا يحتج به وابن البيلماني وأبوه مضعفان وإن كان الأب أحسن حالا وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ثلاثا
وقال أبو داود أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة .
فأما حديث أنس الذي رواه أبو داود رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة فهذا مقصود أنس به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله ولم ينف التكميل على العمامة وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه .
ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم إلا تمضمض واستنشق ولم يحفظ عنه أنه أخل به مرة واحدة وكذلك كان وضوءه مرتبا متواليا لم يخل به مرة واحدة البتة وكان يمسح على رأسه تارة وعلى العمامة تارة وعلى الناصية والعمامة تارة .
وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه كما تقدم . وكان يغسل رجليه إذا لم يكونا في خفين ولا جوربين ويمسح عليهما إذا كانا في الخفين أو الجوربين . وكان يمسح أذنيه مع رأسه وكان يمسح ظاهرهما وباطنهما ولم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماء جديدا وإنما صح ذلك عن ابن عمر .