ثم عقد لواء لعبيدة بن الحارث في شوال على رأس ثمانية أشهر إلى رابغ - ورابغ على عشرة أميال من الجحفة وأنت تريد قديدا . فخرج عبيدة في ستين راكبا ، فلقي أبا سفيان بن حرب على ماء يقال له أحياء من بطن رابغ ، وأبو سفيان يومئذ في مائتين . فكان أول من رمى بسهم في الإسلام سعد بن أبي وقاص ، نثر كنانته وتقدم أمام أصحابه وترس أصحابه عنه . قال فرمى بما في كنانته حتى أفناها ، ما فيها سهم إلا ينكي به .
ويقال كان في الكنانة عشرون سهما ، فليس منها سهم إلا يقع فيجرح إنسانا أو دابة . ولم يكن سهم يومئذ إلا هذا ، لم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال أكثر من هذا الرمي والمناوشة ثم انصرف هؤلاء على حاميتهم وهؤلاء على حاميتهم . فكان سعد بن أبي وقاص يقول فيما حدثني ابن أبي سبرة عن المهاجر بن مسمار قال كان الستون كلهم من قريش . قال سعد فقلت لعبيدة لو اتبعناهم لأصبناهم فإنهم قد ولوا مرعوبين . قال فلم يتابعني على ذلك فانصرفنا إلى المدينة .